تمييز وتوزيع غير عادل.. شح المياه يكشف فساد المحسوبيات وانهيار الخدمات بريف دير الزور
تمييز وتوزيع غير عادل.. شح المياه يكشف فساد المحسوبيات وانهيار الخدمات بريف دير الزور
تعاني عدة مدارس ومنازل في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي من نقص حاد في المياه، رغم وقوعها على مسافة لا تتجاوز أربعمئة متر من محطة الضخ الرئيسية، في مشهد يختصر حجم الفوضى وغياب العدالة في توزيع الخدمات الأساسية، ويؤكد الأهالي أن ضخ المياه يجري وفق محسوبيات واضحة، حيث تُخصّص ساعات طويلة من الضخ للأحياء الشرقية في حين تُحرم الأحياء الغربية، ومها مناطق ملاصقة لمحطة المياه، من المياه لأيام متواصلة.
تأثير الأزمة في المدارس
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم الأحد أن هذا الواقع انعكس بشكل مباشر على المدارس الابتدائية القريبة من المحطة، والتي أصبحت عاجزة عن تأمين حاجاتها اليومية من المياه، في وقت تصل فيه المياه بشكل اعتيادي إلى أحياء تقع في أطراف المدينة البعيدة، مؤكداُ أن هذا الوضع يعكس هشاشة الإدارة المحلية وفشلها في ضمان الحد الأدنى من الحقوق الأساسية للسكان.
دائرة المراجعات بلا جدوى
يصف الأهالي رحلة تقديم الشكاوى بأنها معقدة ومحبطة، ويقول أحد السكان، س. ل، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان: "عند محاولة مراجعة مؤسسة المياه لحل مشكلة انقطاع الضخ يُطلب مني إحضار أوراق من قسم معيّن، وبعد ذلك يُحوّلني المدير إلى البلدية، في حين تعيدني البلدية مرة أخرى إلى مؤسسة المياه"، وهكذا يدخل المواطن في دائرة مغلقة من المراجعات دون أي نتيجة، ويضيف أن كل جهة تعمل بمعزل عن الأخرى، ولا يوجد أي تنسيق أو مساءلة، ما يجعل الحقوق المدنية للمدنيين مهدورة بالكامل.
تمييز واضح في توزيع المياه
ويكشف ن. ع، من سكان حي المحاريم، صورة أكثر وضوحًا عن حجم الفوضى والتمييز في قطاع المياه، قائلاً: "حين تذهب للسؤال عن منزل مدير مؤسسة المياه، ستجده محاطًا بحديقة تتدفّق فيها المياه بلا انقطاع، وكأن ندرة المياه لا تعنيه، ونحن في حيّ المحاريم القريب من محطة الضخ، ننتظر ساعات طويلة من أجل وصول القليل من المياه، ونعاني أعطالًا متكررة وغياب أي استجابة لمطالبنا، وهذا التفاوت يختصر حقيقة ما يجري: ماء وفير لمن يملك النفوذ، وحرمان وشكاوى بلا جدوى لمن لا صوت له.
مطالب الأهالي والمرصد السوري
يؤكد الأهالي بريف دير الزور أن ما يطلبونه ليس أكثر من حق بسيط؛ أن تصل المياه إلى كل منزل بلا تمييز أو محسوبية، من جهته، دعا المرصد السوري لحقوق الإنسان الجهات المسيطرة في مدينة الميادين إلى وضع حد للمحسوبيات والفوضى التي تسيطر على قطاع المياه، والعمل على اعتماد آلية شفافة وعادلة تضمن وصول المياه إلى جميع الأحياء دون استثناء، ومحاسبة المسؤولين عن سوء الإدارة وتعطيل الخدمة.
متابعة ملف الانتهاكات
يشدد المرصد على استمرار جهوده في توثيق معاناة الأهالي والانتهاكات الخدمية، ومتابعة ملف التلاعب بضخ المياه حتى ضمان حصول جميع المدنيين، مدارس وأهالٍ، على حقهم الأساسي في المياه بعيدًا عن الاستثناءات والمحسوبيات، ويشير المرصد إلى أن توفير المياه العادلة لا يعد مجرد حق إنساني بل مؤشر على مدى احترام الإدارة المحلية للعدالة والمساواة في تقديم الخدمات الأساسية.
تعاني مناطق ريف دير الزور الشرقي كما هو الحال في غالب المناطق السورية من ضعف البنية التحتية للمياه منذ سنوات، حيث تعتمد معظم الأحياء على محطات ضخ قديمة وعفا عليها الزمن، في حين تفتقر الإدارة المحلية إلى خطط توزيع واضحة وشفافة، ويُعد الحق في المياه أحد الحقوق الأساسية التي تكفلها القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان، إذ يمثل ضرورياً للحياة والصحة والتعليم، ويؤكد خبراء المياه أن الفساد والمحسوبيات في توزيع الموارد الحيوية يؤدي إلى زيادة معاناة المدنيين، ويحد من قدرة المؤسسات على الاستجابة للطوارئ والأزمات، كما يفاقم التفاوت الاجتماعي ويقلص فرص التنمية المحلية.











